السبت، 22 نوفمبر 2025

مقالات الطيب صالح عن ابن عربى

ست مقالات كتبها الطيب صالح عن ابن عربي بعنوان*
*بين الأكبريين في أوكسفورد!* 
——- ——- ——-

*بين الأكبريين في أوكسفورد! (1)* 

عجبت كيف ان شيئا يقود إلى شىء وطريق يؤدى إلى طريق. لقيت في باريس صديقي الرسام السوداني المعروف الدكتور راشد دياب وهو شاب واضح الموهبة تخرج من كلية الفنون في الخرطوم وحصل على شهادة الدكتوراه في الفن من جامعة مدريد حيث صارا أستاذا وهو الأجنبي الوحيد الأستاذ في جامعة مدريد. عرفني بشاب إسباني اسمه (بابلو بنيتو) وهو ايضا أستاذ في جامعة مدريد. 

 جلست معه ذات صباح في مقهى على ساحة (بلاس شارل ميشيل) في الحي الخامس عشر وغير بعيد من نهر الـ (سين) اكتشفت انه مسلم ويتحدث اللغة العربية بفصاحة غير عادية. كان وجهه مضيئا بحبور وعيناه الفاحمتا السواد يبتسم كثيرا ويضحك. من اين ايستمد كل تلك السعادة؟ أهدى إلى ترجمته إلى اللغة الاسبانية لكتابين للشيخ محى الدين ابن عربى هما كتاب ( *مشاهد الاسرار القدسية ومطالع الانوار الإلهية*) وكتاب *كشف المعنى عن سر اسماء الله الحسنى*) مضينا نتحدث بالغة العربية فعلمت منه انه أصلا من مدينة (مرسيا) حيث ولد الشيخ محي الدين عام 1165م فعهد الخليفة المستنجد بالله وكانت المدينة في ذلك العام محاصرة من قبل الموحدين الذين فتحوها فيما بعد واخضعوها لحكمهم. سألت (بابلو بنيتو) كيف اعتنق الإسلام فأخبرني ان تعمقه في دراسة اللغة العربية والفكر الإسلامي وخاصة فكر الشيخ محيي الدين بن عربي هو الذي هداه إلى الإسلام وقال: (كثيرون في العالم شرقا وغربا.. في اسبانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وهولندا وبلاد إسكندنافيا وأمريكا واليابان وغيرها اهتدوا إلى الإسلام بواسطة الشيخ محيي الدين) أخبرني انه ينتمي إلى جمعية من العلماء والباحثين تسمى (جمعية ابن عربي) مقرها
جامعة أكسفورد وأنها تعقد اجتماعها السنوي في الاسبوع التالي للقائنا في كلية (سانت هيوز) وقال: إذا جئت إلى أكسفورد فسوف تجد عددا من الأكبريين). قلت له ( *ما الأكبريون*) فأجاب: ( *تلاميذ الشيخ الأكبر ابن عربي ومريدوه*) .

*بين الأكبريين في أكسفورد! (2)* 

شدت الرحال إلى (أكسفورد) وذلك هو التعبير المجازي الذي يقتضيه واقع الحال إذ إننى أعود القهقري إلى ديار الأندلس في القرون الوسطى. ولم يغيب عنى وجه الطرافة، بل الغرابة في تلك الرحلة، كون ذلك المفكر المسلم المحير، الذي لم يزل وضعه قلقا في بلاد الإسلام وقد أقتحم هذا الحصن العلمي العتيد الذي نهض في القرون الوسطى أصلا ليكون قلعة من قلاع اللاهوت المسيحي. حتى المكان كلية (سانت هيوز) يحمل اسم قديس نصراني. إنما لعل ذلك شأن الشيخ الحاتمي الطائي ـ كما يصف نفسه ـ منذ أن قال قولته الشهيرة، التي أزعجت كثيرين، وأسعدت كثيرين: لقد صار قلبيا بلا كل (صورة) سوف أشد رواحل الخيال مرارا خلال اليومين الذين أقضيهما مع (مريديه) أنزل وأرحل مع الشيخ محيالدين بن عربيفي اسفاره الطويلة العجيبة في أقطار الدنيا، وهو إنما يسافر في أقطار نفسه. من مرسية إلى (إشبيلية) ومن محي أشبيلية إلى قرطبة حيث لقى فلته زمانه أبا لوليد ابن رشد. تم اللقاء بطلب من ابن رشد بما سمع عن ابن عربي وكان صديقا لوالده كان ذلك *في نحو عام1180 وكان الشيخ محي الدين حينئذ لم يتجاوز خمسة عشر. دخل الصبي على الشيخ الجليل، قاضى قرطبة ومستشار السلطان أبى يعقوب يوسف وطبيبه ـ الرجل الذي وصف بأن أرض الأندلس لم تعرف أحدا مثله في ذكائه وعلمه وحسن خلقه وانه كان الفلسفة والطب، ومثله في الفقه وعلوم اللغة والأدب بحرا عميقا واسعا*. 

*بين الأكبريين في أكسفورد! (3)*

وجدت قوما تحيتهم (سلام)مسلمون كلهم أوجلهم إنجليز وأمريكان وإسبان وفرنسيون وألمان وسويسريون إسكندنافيون وما شئت من أجناس. أبدا لم التقى من قبل مسلمين اربيين بهذه الكثرة في صعيد واحد. استقبلوني بترحاب عظيم ملئ بالدفء وخال من التكلف وقد لفت انتباهي من أول وهلة، بساطتهم وسماحتهم، رجالا ونساء. وكان (بابلو) الذي كأنما عرفته من زمن يعرفني بهم. ألحوا أن أنزل ضيفا عليهم في كلية (سانت هيوز) لكنني أبيت، اذ إنني لم أكن عضوا في معيتهم. ولعل أيضا، بحذري السني المالكي، لم أشان ألقى بنفسي ضربة لازب في غمارة جاذبية شيخهم العتيد كأنني أردت أن أجعل مسافة بيني وبينهم. سرعان ما أدركت أن ذلك الحذر لم يك له ما يبرره. أدركت أن (التبشير) وإغراء الآخرين إلى وجهة نظرهم ليس من همتهم وليس في طبعهم. ليس فيهم أي شيء من ( *روح القطيع*) كلهم علماء، كل واحد منهم وصل إلى حمى (الشيخ) بمحض إرادته. وقد عجبت أيضا، انهم خالون بالمرة من احساس التوتر الذي تجده لدى المتحولين حديثا
إلى دين ومذهب، بل حتى بعض الذين ولدوا في ذلك الدين كأنهم يخافون ان يرتدوا على أعقابهم في اية لحظة. هؤلاء بدوا لى ساكنين مطمئنين، كان الإسلام هو دينهم الطبيعي منذ البدء، وكأن طريق (الشيخ) هو طريقهم الطبيعي. ولا أنكر أنى آنست إليهم ـ رغم التي اخذتها عن أشياخى المالكيين ـ فقد ذكروني ببعض عباد الله الذين عبرت بهم من (الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) يبدؤون محاضراتهم بالحمد ويختموها بالصلاة علي الكريم. وكان موضوع اجتماعهم كله ( *مفهوم الحمد عند ابن عربي*) كنت احضر معهم عشاءهم بعد المحاضرات في المساء فقد ابو أن يعفوني من ذلك كان طعامهم بسيطا، وحديثهم خليطا من العلم والدعابة. جلست في اليوم الأول بجانب (برفسور أرل كلر) وهو سويسري كان إلى عهد قريب أستاذا لتاريخ الأديان في جامعة (لوزان) وقد أمضى ردحا من عمره في دراسة أعمال ابن عربي. كان من القلائل غير المسلمين في ذلك الجمع ورغم ذلك في سمته ما يدل على انه لم يخل من نفحات (الشيخ) . 

*بين الأكبريين في أكسفورد! (4)* 

عجبت لقول الدكتور (جرالد إلمور Gerald Elmore) انه لا يقرأ بتاتاً لأي أحد غير الشيخ محيي الدين بن عربي. وله رأي مكتوب، يقول فيه: ((في كل التراث الفكري للإنسانية.. قليلون جداً، ربما خمسة على الاكثر، من حيث عمق الفكر وجمال اللغة، يكمن أن يوضعوا في مرتبة واحدة مع ابن عربي …. منهم أفلاطون وشيكسبير)). لعل من بعض ما يجذب هؤلاء العلماء الى (الشيخ)، انه كان غزير الانتاج غزارة تدعو الى الدهشة. وهو انتاج ربما ليس له نظير من حيث الكم في تاريخ التراث الانساني. ويقدر بعضهم انه ألف زهاء خمسمائة كتاب. وقد أخذ منه كتاب ( *الفتوحات المكية*) وحده قرابة أربعين عاماً قبل أن يفرغ منه نهائياً. *انه عبارة عن غابة من الرؤى والافكار، واسعة كثيفة متشابكة، يدخل الواحد منهم، فلا يخرج منها. وكل صاحب علم منهم، يجد عند ابن عربي ما يوافق علمه وذوقه وهواه. الفلاسفة وعلماء النفس والانثروبولوجيا وعلوم الاجتماع والتاريخ والاديان. هذا بالإضافة الى أن كل واحد من هؤلاء العلماء، له ( *رحلة روحانية وجودية*)، خاصة به. يجد كأن ابن عربي يصفها له، ويحثه عليها. يطوح به من درب الى درب، ويطرح عليه الاسئلة، ويعطيه الاجوبة، ثم يعمي عليه الطرق، وينصب له حبائل من الرموز والالغاز، فهو معه في (سفر) متواصل، و(بحث) لا ينتهي. هذا عينه هو الذي أزعج اهل السنة من ابن عربي، وهو عينه الذي يجذب اليه هؤلاء العلماء الأوروبيين، هذا العالم الامريكي (جرالد إلمور) محاضر في جامعة ((ييل – Yale)) حيث حصل على شهادة الدكتوراه عن بحثه حول كتاب الشيخ محيي الدين بن عربي (عنقاء مغرب). وقد قضى ثماني سنوات في القاهرة من عام 1979 حتى عام 1987. وهنالك بدأت صلته بابن عربي. كان موضوع محاضرته في ذلك الاجتماع (( *التناقض الظاهري لمعنى الحمد عند ابن عربي مع مذهبه في التوحيد*)). وهو بحث فلسفي عويص – كما بدا لي – لا يقل صعوبة عن كتابات (الشيخ) نفسه. ولعل الفقرة التالية أقل غموضاً، وهي تلخص رأي الدكتور (إلمور): ((…… الجانب الذي أسميه جانب النفي في المذهب الاكبري، هو أن المخلوقات أن «تحمد» الله سبحانه وتعالى … الانسان، ليس فقط انه ليس أهلاً للحمد، ولكنه ايضاً ليس مؤهلاً لان يحمد الله سبحانه وتعالى …… ولا يستطيع (المحدث – المقيد) أن يحمد أو يعرف أو يحب (القديم – المطلق) بأي حال من الاحوال. 

ومن ناحية أخرى – وهو الجانب الاثباتي – *فإن ابن عربي يقر إقراراً كاملاً، أن الكون كله، بالفعل، يسبح بحمد الله سبحانه وتعالى مستحق الحمد، ولكنه أيضاً (حامد) بألسنة الحامدين جميعاً، سواء كان الحمد لله سبحانه وتعالى، أو للناس بعضهم لبعض، انه هو (المحمود)، حتى إذا توجه أي انسان بالحمد لأنه انسان، فهو في كل الاحوال، الحامد والمحمود والحميد، واليه سبحانه وتعالى يرجع الحمد كله ……)). حين عدت الى نص المحاضرة مطبوعة ….. محاولاً *استيضاح تلك المعميات*، وجدت أن المحاضر يشير الى قرابة ستين مرجعاً. فبالإضافة الى آيات القرآن الكريم والأحاديث القدسية والأحاديث النبوية، توجد اشارات الى ابن ماجه (السنن) والسيوطي والجرجاني والقنوي (إعجاز البيان في تأويل القرآن) وصحيح مسلم والبخاري والترمذي وأبو داود وابن حنبل (المسند) وابن العارف (مجلس المجالس)، هذا بالإضافة الى كتب ابن عربي ومراجع بلغات شتى. الا توجد ثمة مفارقة؟ هذا العلم كله وهذه (العقلانية) لفهم مفكر قام مذهبه برمته نقيضاً للعقلانية؟ تجربته (الروحانية الوجودية) – كما يصفونها – ريمكن قبولها بــ (العقل)، ولكن على طريقة (الشيخ) بــ (الذوق) و (الكشف)، فكيف يتأتى ذلك؟ وقد سألتهم: بما أن تجربة ابن عربي الروحانية من الخصوصية بحيث لا يمكن وصفها بالكلمات، فلماذا لم يلزم الصمت كما فعل بعض (العارفين)؟ أجابني أحدهم – وهو أستاذ في جامعة أكسفورد – بجدية كاملة:
((لان الشيخ الاكبر (أمر) أن يتكلم ويكتب)). هؤلاء العلماء يقبلون بسهولة هذه ( *التجليات*)، التي نجد نحن صعوبة في تقبلها. وقد زادني الدكتور (جرالد إلمور) حيرة حين قال في محاضرته: (( *رغم أن الشيخ الاكبر كان أستاذاً في البيان العربي، ولكنه أحياناً يلجأ الى أسلوب معقد ينفر القارئ غير المتعاطف معه ويثير سخطه* . وأنا أظن أن القارئ من كلا المعسكرين – المؤيدين والخصوم – قد يخطئ قصد ابن عربي، ويظن أن المطلوب هو الاقناع بالحجة والمنطق … القصد هو خلخلة الترابط المتعثر، وزعزعة ثوابت الفكر بحيث يطغى عامل الطمس والكشف، ويبتعد العقل عن أنماطه التي اعتاد عليها، ويقبل على القراءة (بين السطور).

*بين الأكبريين في أكسفور! (5)*

من بين الفوائد الكثيرة التي خرجت بها من ذلك الاجتماع، كتاب أعانني إعانة عظيمة على الاقتراب مجرد الاقتراب ـ من العالم المحير للشيخ محيي الدين ابن عربي الذي وصفه برفسور (رالف أوستن) من جامعة (درم) في إنجلترا أنه (يقف في مجال الفكر الصوفي شامخا مثل الجبل الأعصم) وقال عنه برفسور (هنري كوربان) من جامعة باريس ( *انه من أعظم مفكري التصوف، ليس فقط في التاريخ الإسلامي إنما أيضا في تاريخ العالم إطلاقا*) هو إذا ـ مهما كان موقفنا من محاذيرنا تجاه ـ ظاهرة عالمية تتضخم أكثر فأكثر يوما بعد يوم، ولن يجدينا نحن ـ أهله ومنطلقه ـ أن نكتفي بتجاهله واعتباره أمر طارئا لا يؤبه له. كانت حياته مزجا من النصر والهزيمة. النصر على المستوى الفردي. عمر طويلا وانجز مشروع حياته ـ مهما كان رأينا فيه: طوف بالعالم الإسلامي شرقه وغربه، واتصل بملوك زمانه ومفكريه وفقهاه ومتصوفته. أنتج إنتاجا ربما لم يتيسر مثله لأحد غيره في غزارته وتنوعه. حدق بجرأة عجيبة في أقاليم نفسه وفي أرجاء الملكوت من حوله. حلم أحلاما لا مثيل لغرابتها، فقد رأى انه عانق الكواكب وامتزج بحرف الهجاء، وكانت الأحلام لديه هي الحقائق، والحقائق محض خيال. 

*تزوج وأنجب وعشق، وأقام (مدرسة) فكرية لم تزل تؤجج الجدل منذ زمانه إلى اليوم، بعد نحو ثمانية قرون، يتفجر مثل نهر جوفي، في أماكن لم تخطر له على بال. أما على الصعيد العام، فقد كان زمانه محاصرا بالهزائم. بعد خروجه من الأندلس (عام1200م) لم يمض وقت طويل حتى هزم الفرنجة الإسبان جيوش المسلمين هزيمة ماحقة عام 1213، في معركة (لاس نافاس دي تولوسا) وفي عام 1236 سقطت قرطبة. ولم يكن حال المسلمين أفضل في المشرق. انفرط عقد الخلافة العباسية، وانقلبت الدولة الأيوبية إلى دويلات هزيلة، واشتد ضغط الصليبيين على بلاد الشام. وفي عام1250ـ أي بع عشر سنوات فقط من وفاة ابن ـ سلم الملك الأيوبي الكامل، بيت المقدس للملك الصليبي (فردريك الثاني) فدخلها دون قتال. وهكذا نجد أن حياة ابن عربي كانت مليئة بعناصر الدراما والإثارة. هذا ما يقصه كتاب الباحثة الفرنسية (كلود أداس) وعنوانه ( *البحث عن الكبريت الأحمر*) تقول في المقدمة: (كان إنتاج ابن عربي كله من بعض وجوهه، سجلا لتجربته الذاتية ـ *مجموعة هواتف ورؤى وحوارات مع الموتى ومعارج ولقاءات غامضة فيما أسماه (عالم الخيال) ورحلات بين الكواكب في اقطار السماوات. وسواء كان ذلك هلوسات إنسان مصاب بالفصام العقلي، كما يرى (أسين بلاسيوس) أو تجارب روحية صادقة كما يرى (هنري كوربان) فانه.. يجب علينا أن نذكر أن تلك التجارب كانت لدى ابن عربى حقيقة واقعية مثل الأرض التي يمشى عليها). هذا والد كتورة (كلود أداس) من عائلة كل أفرادها من (مريدي) ابن عربي هي وأخوتها وزوجها وابناؤهما وابوها برفسور (ميشيل شد كيتفتش) من أكابر الأكابريين، وقد حضر معنا الاجتماع في أكسفورد. كان لسنوات طويلة أستاذا في معهد الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية في باريس. وله دراسات عديدة عن ابن عربي، تعد كلها مساهمات مرجعية عن فكر الشيخ محيي الدين. تقول الدكتورة (كلود أداس) (حاولت قدر طاقتي، أن أسير وراء ابن عربي في دروب ومجاهل لا يجدي فيها الاستعانة بالبوصلة. كثيرا ما يحس الإنسان خلال الرحلة أنه أضاع الطريق، وأحيانا يحس كأنه أسير في متاهة لا سبيل له إلى الخروج منها إنما بعزيه أن الشيخ الأكبر يقول ( *كل الطرق دائرية*) وهو قول من بعض معانيه أن الرحلة تعود بالإنسان في نهاية الأمر إلى ذات نفسه). 

*بين الأكبرين في أكسفورد! (6)*

الامام أبو حامد الغزالي رحمه الله، قال في متنه الجامع « إحياء علوم الدين « ما معناه ان الحلاج لم يكفر ولكنه أساء الادب. والشيخ محيي الدين بن عربي أيضاً، لام الحلاج لأنه ( *عربد*) وأساء الادب. كانوا يقولون « *لا تصفع الوجه» – وهو قول مأخوذ من نصيحة الرسول (ص) في معاملة المرأة. يقصدون بذلك وجه الشريعة، أي أن (العارف) مهما ظن أنه بلغ مقامات القربى، فعليه الا ((يذيع الاسرار))، أو يقول أو يغفل شيئاً قد يظن انه يتعارض مع ظاهر الشريعة. الشيخ محيي الدين بن عربي أذاع بعض ((الاسرار)). لكنها أسرار خرجت رغماً عنه. ولم يكن مثل الحلاج، الذي كان يقف في الساحات العامة ويصيح ((ما في الجبة الا الله))، وابي يزيد البسطامي الذي قال أفظع من ذلك. انها من قبيل ((العربدة)) و((إساءة الادب)). ورغم أن بعض المحققين فسروها تفسيراً يبعدها عن الكفر، فلا ينكر انها تصدم آذان أهل الشريعة الذين لم يجدوا بداً من رفضها، وبعضهم غالي في رفضه. وكان الحلاج نفسه يفهم ذلك، فقد كان، كما رووا يقف على أبواب المساجد وينادي (( *يا معشر المسلمين! أقتلوني تثابوا*)). وقد كان له ما أراد، كما نعلم. ابن عربي حرص على لزوم ظاهر الشرع. وتجلياته التي لا يقل بعضها استفزازاً لأهل السنة عن شطحات الحلاج، *لم يذعها على الملأ، انما قيدها في أسفاره في عقر داره، أو باح بها لتلاميذه ومريديه. كانت (مدرسته) مدرسة لقلة من (النخبة). وكأن تلك الافكار خرجت عن محاسبها وذاعت بين الناس وانتشرت، وأحدثت البلبلة والسخط والرضى، وأحياناً أضيف إليها وحرفت، فلعل ذلك كان حتماً أن يحدث، ولم يكن لــ (الشيخ) فيه حيلة. يقول برفسور (هنري كوربان) في كتابه المرجع عن فكر ابن عربي: (( *الحرص على ظاهر الشريعة في الاسلام لدى ابن عربي، لم يكن فقط لأنه كان يؤمن بأن الشريعة هي البناء المتين الاساس، الذي تنطلق منه الرموز وتتعلق وتستمسك به التأويلات والاجتهادات، وانما ايضاً لان الشريعة هي الحصن الذي يحول دون طغيان الجهلاء*)). كان الشيخ محيي الدين بن عربي لا يفتأ أن أقواله كلها لم تخرج عن نطاق القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ولكنه اختلف مع من أسماهم (علماء الرسوم)، في أسلوب التأويل، ودرجة الادراك، الذي يقول انه تأتي له بواسطة الفيوض الإلهية والذوق والكشف. أقام مذهبه على (الحب والرحمة). وفي هذا الصدد، لعل أبياته الشهيرة التي أسخطت الفقهاء أشد السخط، لم تخرج أيضاً من حيث هي شعر، عن مناخ التراث الشعري العربي. فقوله (لقد صار قلبي قابلاً كل صورة) الى أن يقول:
*أدين بدين الحب أنى توجهت*

*ركائبه فالحب ديني وإيماني* 

هذه لأبيات لا تبعد في ظني عن قول ابن المعتز وكأنها مأخوذة منه:
قلبـــي ميـــــال لـــــــذا وذا      ليس يرى شيئاً فيأبه
ويهيم بالحسن كما ينبغي         ويرحم القبح فيهواه
وعند ابن عربي ( *دين الحب*)، *هو الاسلام، وليس الحب بمعناه الجسدي المادي. وفي مذهبه أن الاسم القدسي الذي يغلب على أسماء الله سبحانه جميعها، هو (الرحمن). لذلك قال قولته الشهيرة (( *الكون مآله الى الرحمة*)) وهو في هذا يسند الى الآيات الكريمة العديدة عن (الرحمة) مثل قوله جل جلاله {وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة}. هذه السماحة، هي أيضاً من بعض اسباب جاذبية (الشيخ) لأمثال هؤلاء العلماء (الباحثين) المجتمعين في أكسفورد. لقد هون عليهم الامر، ووسع عليهم الدين، اذ يضيقه بعض الفقهاء، ولم يترك باباً الا فتحه لهم للدخول في حمى الملة الحنيفة. الاسلام عنده يتسع للبسطامي والجنيد، كما اتسع للإمام مالك والامام ابن حنبل. هذا، وقد عدت أدراجي الى لندن، وقد حرك ذلك الاجتماع رغبتي في الرجوع مجدداً الى تاريخ الاندلس، خاصة في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، اذ ان فكر ابن عربي لا يمكن أن يفهم الا في سياق تاريخ عصور الانحدار للدولة الاسلامية في الاندلس. ورغم انني لم أقبل كثيراً من آراء أولئك (القوم) في ذلك الاجتماع – او لعلني لم أفهم تلك الآراء بسبب قصور فهمي وقلة علمي – فإنني سوف أذكر مودتهم ولطفهم وتواضعهم على غزارة علمهم. سوف اذكر شاباً داوم معنا على حضور الاجتماعات كلها. أشعت، مشوش الشعر، مرقع الثياب وفي اذنه حلق، لم يكد يبلغ العشرين. تحسبه صعلوكاً أو من هؤلاء الفتية الجانحين الذين تراهم في شوارع لندن. كان يسأل أسئلة ذكية ويعرب عن آراء طريفة. ولما تحدثت معه، وجدت أنه يدرس الفلسفة والرياضيات في كلية من كليات جامعة أكسفورد. قال انه اكتشف ابن عربي صدفة فاستهواه وسحره وسار وراءه. 

 وتلك العالمة السويدية من جامعة (أبسالا) قالت انها جربت الاديان كلها، لم تترك ديانة الا دخلتها. ثم اكتشفت ابن عربي فجذبها الى الاسلام. وكانت تلك خاتمة بحثها عن الحقيقة. في صباح الاحد – اليوم الثاني للاجتماع – قرأ الدكتور (ستيفن هيرتنستاين) من جامعة أكسفورد ترجمته الانجليزية لدعاء ابن عربي ليوم الاحد – اذ ان لابن عربي دعاء لكل يوم من أيام الاسبوع. استمتعنا اليه بصمت عميق، تخللته نهنهات بعضهم – خاصة من النساء – ببكاء مكتوم. ولما فرغ الدكتور (ستيفن) كان هو نفسه يوشك أن يجهش بالبكاء. وكانت تجلس بجواره على المنصة، الدكتورة (أليسون يانقاو) – أيضاً من جامعة أكسفورد – فكان التأثر واضحاً على وجهها. ولما خرجنا من القاعة رأيت سيدة تبكي بحرقة، ورأيت الدكتورة (أليسون) تسرع اليها وتحتضنها وتربت عليها وتسري عنها. 

 رحم الله الشيخ محيي الدين بن عربي، وقد كان عظيم الثقة في رحمة الله. مهما كان رأيك فيه، فإنك لا تستطيع أن تنكر، أن قليلين جداً من المفكرين في تاريخ الانسانية، يمكن أن يحدثوا مثل هذا التأثير – خاصة في مناخات غريبة ولغات مختلفة – وخاصة بعد نحو ثمانية قرون من رحيله عن الدنيا. شكرا لك يا دكتور علي هذه الكنوز الثمينة التي دائما ما تتحفنا بها، انت حالك حال (الأكبرين) تجذبك الثقافة والادب وكل ما هو بديع. يبدو ان الاستشراق دور كبير في تسليط الضوء على معظم الكتابات والرؤى الفكرية التي كبتت ابان انحطاط الحضارة العربية الإسلامية، من منا كان يدرك ان لابن عربي جمعية باسمه تضم نخبة علماء و من شتي الاقطار ما جمعهم حبه و ما وجدوه من خلال ما كتب شي فريد اسر قلوبهم قبل عقولهم، يلاحظ ان اعضاء الجمعية كلهم قامات علمية باسقة توصلوا من خلال البحث العلمي لأهمية منتوج ذلك الرجل الذي لا قيمة له عند اهل الشرق، وقد يصنف عند بعضهم من الزنادقة.

تاريخ التلفزيون المصرى

أول تجربة للبث التلفزيوني بمصر 
ومراحل إنشاء التليفزيون المصرى…
بدأ أول بث تليفزيونى مصرى فى مساء يوم 21 يوليو 1960 و بدأ الإرسال بالاحتفالات بثورة يوليو، و تعود بدايات فكرة إنشاء تليفزيون مصرى الى العام 1947 و لكن احبط المشروع و تأجل تنفيذه حتى عام 1951، 

وأجرت الشركة الفرنسية لصناعة الراديو والتليفزيون فى ذلك الوقت أول تجربة للإرسال في مصر، وذلك لتصوير المهرجانات التي أقيمت بمناسبة الزواج الثاني للملك فاروق عن طريق محطة إرسال أقيمت بمبنى سنترال باب اللوق وكان لهذه الشركة هدف آخر أن تعرض على الحكومة المصرية آنذاك تشييد محطة تليفزيونية بالقاهرة.
 
وروجت الشركة الفرنسية لمشروعها الإعلامي الجديد بوضع أجهزة الاستقبال التليفزيونية في بعض الأماكن المهمة بالقاهرة وأقيم حفل ساهر بهذه المناسبة دعا إليه كبار الصحفيين وعدد من الوجهاء وظهر لأول مرة نقيب الصحفيين في ذلك الوقت حافظ محمود على شاشة التليفزيون ليوجه التحية إلى أعضاء البعثة الفرنسية التي استخدمت سنترال باب اللوق في فعاليات الحفل الساهر.
 
وفي عام 1954 تقدم الصاغ صلاح سالم بمشروع إلى الرئيس جمال عبد الناصر لإنشاء إذاعة جديدة ومحطة تليفزيونية فوق جبل المقطم ووافق الرئيس عبد الناصر فورا على المشروع وأوكل مسؤوليته إلى المهندس صلاح عامر وكيل الإذاعة للشؤون الهندسية وعليه اعتمدت حكومة الثورة مبلغ 108 ألف جنيه لإقامة مبنى الإذاعة والتليفزيون في مساحة 12 ألف متر بشارع ماسبيرو بكورنيش النيل ببولاق وبدأت الدراسات وأعلن عن استيراد مصر لأجهزة اتصال حديثة خلال عام 1956.
 
وقد جرى العمل في تصميم الاستديوهات ومحطات الإرسال ودراسة وضع نواة للتليفزيون فوق جبل المقطم وتطايرت أنباء رسمية للعالم كله عن بداية البث الإذاعي التليفزيوني في منتصف عام 1957 ولكن سرعان ما تعطل تنفيذ المشروع بسبب العدوان الثلاثي.
 
وفتح باب التقدم بعطاءات لتنفيذ المشروع في يوليو 1959 وتمت الدراسة الفنية لهذه العطاءات في خلال ثلاثة أشهر واختيرت شركة " R.C.A " الأمريكية واستقر الرأي على استخدام النظام الأوروبي 625 خطا و50 مجالا للصورة في الثانية الواحدة، حيث أنه الأكثر ملائمة من الناحية الفنية للتيار الكهربائي المتردد المستخدم في مصر بواقع 50 ذبذبة في الثانية الواحدة حينها.

ولم يمر سوى ستة أشهر على بداية المشروع حتى تم الانتهاء منه وبدأ الإرسال في 21 يوليو عام 1960 بعد صدور تعليمات من القيادة السياسية بضرورة الانتهاء من هذا الإنجاز قبل مرور شهر يوليو وإتاحة الفرصة لإجراء البروفات الهندسية الخاصة بالاستوديوهات على مسرح قصر عابدين.
 
بدأ التليفزيون المصرى ارساله لمدة خمس ساعات يوميا وبدأ الإرسال بتلاوة آيات من القرآن الكريم ثم إذاعة وقائع حفل افتتاح مجلس الأمة وخطاب الرئيس جمال عبد الناصر ونشيد "وطني الأكبر" ثم نشرة الأخبار ثم الختام بالقرآن الكريم وفي أعقاب افتتاح المبنى وبداية الإرسال صدر أول قرار من رئيس مجلس إدارة هيئة الإذاعة المصرية 

محمد أمين حماد بإنشاء إدارة عامة للإذاعة المرئية "التليفزيون" تتبع الإذاعة المصرية ليبدأ الإرسال المنتظم لهذا الوافد الجديد، من محطتي الإرسال اللتين أنشئتا فوق المقطم بارتفاع 300 متر فوق سطح البحر.
 
واستهل التليفزيون المصرى إرساله بقناة واحدة، وكان زمن الإرسال محدداً بمعدل ست ساعات يوميا، ثم ارتفع معدل ساعات الإرسال ليصل إلى 13 ساعة يوميا بعد بدء إرسال قناة تليفزيونية ثانية فى 21 يوليو 1961 ، ثم قناة ثالثة، وطوال فترة الستينات شهد التلفزيون المصري كثيرًا من التطورات عبر العديد من المراحل، حتى قررت الإدارة العامة وقف إرسال القناة الثالثة للظروف الاقتصادية التي أعقبت حرب 1967.
 
وفي عام 1970 صدر المرسوم الجديد لاتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري (ERTU)، وتم إنشاء أربعة قطاعات: قطاع الإذاعة، قطاع التليفزيون، قطاع الهندسة، قطاع التمويل، ولكل قطاع رئيس يرأسهم وزير الإعلام.
في 1973 بدأ التليفزيون المصري أضخم عمليه لتجديد أجهزة الإرسال، وفي 1978 تم توصيل القناتين الأولى والثانيه إلى منطقة القناة بشبكة ميكرويف وإنشاء محطة بث تليفزيوني لكل من القناتين في كل من السويس والإسماعيليه وبور سعيد ، وبدأ إرساله ملونا في 9 سبتمبر 1976.
 
ومع بداية الثمانينيات شهد التليفزيون المصرى تطورات عديدة فى أكثر من مجال، من خلال التوسع الهندسي والجغرافي لمجال التغطية التليفزيونية ليصل إرسال التليفزيون المصري إلى كل محافظات الدولة ، وفي 1988 بدا البث التليفزيوني للقناه الثالثة التي تخاطب (إقليم القاهرة الكبرى) وفي 1988 أيضا بدأ إرسال القناة الرابعة التي تخاطب (مدن القناة) وفي 1990 بدأ البث التجريبي للقناه الخامسة.
 
وفي 1994 انطلق البث التجريبي للقناه السادسة لوسط الدلتا ومقرها طنطا والتي تخاطب (الغربية والدقهليه والمنوفيه وكفر الشيخ ودمياط) كما بدأ إرسال القناة السابعة ومقرها المنيا وتغطي محافظات شمال الصعيد (بني سويف والمنيا والفيوم واسيوط) ، وفي 1996 تم افتتاح القناة الثامنة ومقرها في اسوان وتخدم محافظات جنوب الصعيد (سوهاج وقنا واسوان والاقصر).

حى بن يقظان

حيّ بن يقظان لابن طفيل: حين تولد الفلسفة من العزلة

تُعدّ رواية حيّ بن يقظان واحدة من أعظم الأعمال الفلسفية في التراث الإسلامي، كتبها الفيلسوف الأندلسي ابن طفيل في القرن الثاني عشر. ليست مجرد قصة خيالية عن طفل ينشأ وحيدًا على جزيرة، بل هي تجربة فكرية عميقة تسعى للإجابة عن أقدم سؤال في تاريخ الإنسان:
هل يستطيع العقل وحده أن يصل إلى الحقيقة دون مُعلّم، أو شريعة، أو مجتمع؟

من خلال مراقبة الطبيعة، يتدرّج حيّ من الإدراك الحسي إلى التأمل العقلي، ثم يبلغ معرفة النفس والعالم وخالقه. إن تطوّره ليس حدثًا خارقًا، بل رحلة تدريجية تُجسّد إمكانات الإنسان الكامنة حين يتحرر من التقليد ويستمع لصوت عقله الداخلي.

#العقل، #والوحي، و #الإنسان القادر على الاكتشاف

تطرح الرواية رؤية جريئة في عصرها:
أن الحقيقة لا تناقض الوحي، وأن العقل إذا سار في طريقه الصحيح سيصل إلى ما جاءت به الرسالة. وحين يلتقي حيّ بالبشر لأول مرة، يدرك أن العجز ليس في الدين، بل في طريقة فهم الناس له، وأن المعرفة تحتاج إلى تهيؤ داخلي، لا مجرد تلقين خارجي.

لقد أصبحت قصة حيّ بن يقظان مصدر إلهام عابر للثقافات؛ أثّرت في مفكري أوروبا، ومهّدت لميلاد الرواية الفلسفية الحديثة، بل اعتبرها البعض مقدّمة مبكرة لفلسفات التربية والوجود.

#رحلة_بحث_لا_تزال_مستمرة

اليوم، وبعد تسعة قرون، لا تزال رسالة ابن طفيل حاضرة:
أن الإنسان لا يولد عالمًا، لكنه يحمل القدرة على أن يصير كذلك. وأن البحث عن الحقيقة ليس امتيازًا لفئة، بل رحلة شخصية تبدأ من سؤال صغير، وتنتهي بانفتاح الروح على المعنى.

فحيّ بن يقظان ليس مجرد بطل روائي؛ إنه مرآة لكل واحدٍ فينا… يبحث، يخطئ، يكتشف، ويواصل الطريق.
#حي_بن_يقظان
#ابن_طفيل

ورد الحسبلة

•• ورد الحسبلة.. (حسبنا الله ونعم الوكيل) ••

يُدعَى به.. لكل كرب وضيق وخوف ومسألة..
وفي كل ما خافَه المرء أو أمَّلَه.. وهو مما به أوصى فضيلة الإمام الرائد رضي الله عنه فيما أوصى..!!

نص دعاء.. (ورد الحسبلة):

﴿ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ [1] الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [2] الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ [3] مَـلِكِ يَوْمِ الدِّينِ [4] إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [5] اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ [6] صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ [7] ﴾ .

﴿ الّذِينَ قَالَ لَهُمُ النّاسُ إِنّ النّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [173] فَانْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوَءٌ وَاتّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ .

حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ .
(من ٢٠ مرة بعدد حروفها إلى أي عدد يشاء) . ثم يقول:
 
حَسْبِيَ الْخَالِقُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ ، حَسْبِيَ الرَّازِقُ مِنَ الْمَرْزُوقِينَ ، حَسْبِيَ الَّذِي هُوَ حَسْبِي ، حَسْبِي اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، حَسْبِيَ اللَّهُ لِدِينِي ، حَسْبِي اللَّهُ لِعِرْضِي ، حَسْبِيَ اللَّهُ لِمَالِي ، حَسْبِيَ اللَّهُ لأَهْلِي وَنِسَائِي ، حَسْبِيَ اللَّهُ لِبَنَاتِي وَأَبْنَائِي ، حَسْبِيَ اللَّهُ لأَشْيَاخِي وَإِخْوَانِي ، حَسْبِيَ اللَّهُ لأَحْبَابِي وَجِيرَانِي ، حَسْبِيَ اللَّهُ فِرَارًا مِنْ ذُنُوبِي وَسَيِّئَاتِي ، حَسْبِيَ اللَّهُ لِعَقْلِي وَقَلْبِي وَرُوحِي وَذَاتِي .

حَسْبِيَ اللَّهُ لِمَا أَهَمَّنِي ، حَسْبِيَ اللَّهُ لِمَنْ كَادَنِي ، حَسْبِيَ اللَّهُ لِمَنْ آذَانِي ، حَسْبِيَ اللَّهُ لِمَنْ بَغَى عَلَيَّ ، حَسْبِيَ اللَّهُ لِمَنْ أَسَاءَ إِلَيَّ .

حَسْبِيَ اللَّهُ الْحَقُّ الْقَوِيُّ ، حَسْبِيَ اللَّهُ الْحَمِيدُ الْوَلِيُّ ، حَسْبِيَ اللَّهُ الَّذِي مَا فَرَّطَ فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْ .

حَسْبِيَ اللَّهُ لِمَنْ خَادَعَنِي ، حَسْبِيَ اللَّهُ لِمَنْ نَافَقَنِي ، حَسْبِيَ اللَّهُ لِمَنْ رَاوَغَنِي ، حَسْبِيَ اللَّهُ لِكُلِّ مَرَضٍ وَدَاءٍ ، حَسْبِيَ اللَّهُ وَاهِبُ الْعَافِيَةِ وَالشِّفَاءِ .

حَسْبِيَ اللَّهُ إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِ ، حَسْبِيَ اللَّهُ إِذَا قِيلَ مَنْ رَاقٍ ، وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ ، حَسْبِيَ اللَّهُ إِذَا الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ، إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ .

حَسْبِيَ اللَّهُ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ، حَسْبِيَ اللَّهُ إِذَا أَطْبَقَتِ الْهُمُومُ وَالْغُمُومُ ، حَسْبِيَ اللَّهُ إِذَا انْقَطَعَتِ الآمَالُ إِلا مِنَ الْحَيِّ الْقَيُّومِ ، حَسْبِيَ اللَّهُ إِذَا حَلَّ الْكَرْبُ وَالْفَزَعُ وَالْبَلاءُ ، حَسْبِيَ اللَّهُ عِنْدَ الْوَحْدَةِ وَالْوَحْشَةِ وَالظُّلْمَةِ وَهَوْلِ اللِّقَاءِ .

حَسْبِيَ اللَّهُ عِنْدَ الْفِتْنَةِ وَمَسْأَلَةِ الْقَبْرِ ، حَسْبِيَ اللَّهُ عِنْدَ رَهْبَةِ النَّشْرِ وَالْحَشْرِ ، حَسْبِيَ اللَّهُ إِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ ، وَخَسَفَ الْقَمَرُ ، حَسْبِيَ اللَّهُ إِذَا جُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ، حَسْبِيَ اللَّهُ إِذَا قَالَ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ ، حَسْبِيَ اللَّهُ إِذَا قِيلَ لا وَزَرَ ، إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ .

حَسْبِيَ اللَّهُ عِنْدَ مَوْقِفِ الْحِسَابِ ، حَسْبِيَ اللَّهُ إِذَا رُفِعَ الْحِجَابُ عَنْ حَقِيقَةِ الْمَآبِ ، حَسْبِيَ اللَّهُ عِنْدَ الصِّرَاطِ وَالْمِيزَانِ ، حَسْبِيَ اللَّهُ الْمَرْجُو لِلْعَفْوِ وَالْغُفْرَانِ ، حَسْبِيَ اللَّهُ الْمُجِيرُ مِنْ عَذَابِ النِّيرَانِ ، حَسْبِيَ اللَّهُ الْمُنْعِمُ بِالرِّضَا وَالرِّضْوَانِ .

حَسْبِيَ اللَّهُ الْخَفِيُّ الأَلْطَافِ ، حَسْبِيَ اللَّهُ لِمَا أَخْشَى وَأَتَوَجَّسُ وَأَخَافُ ، حَسْبِيَ اللَّهُ الَّذِي يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ، حَسْبِيَ اللَّهُ الَّذِي يَكْشِفُ السُّوءَ عَمَّنْ نَادَاهُ ، حَسْبِيَ اللَّهُ مُقَلِّبُ الْقُلُوبِ ، حَسْبِيَ اللهُ كَاشِفُ الْخُطُوبِ ، حَسْبِيَ اللهُ مُفَرِّجُ الْكُرُوبِ ، حَسْبِيَ اللهُ الَّذِي يَقْبَلُ الْبَاكِيَ النَّدُوبَ . 
حَسْبِيَ اللهُ مِنْ كُلِّ جِنِّيٍّ وَإِنْسِيٍّ ، حَسْبِيَ اللهُ مِنْ كُلِّ حِسِّيٍّ وَنَفْسِيٍّ ، حَسْبِيَ اللهُ الْمُتَفَضِّلُ بِالْعَطَاءِ الْقُدُسِيِّ ، حَسْبِيَ اللهُ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ، حَسْبِيَ اللهُ تَسْلِيمًا لَهُ وَإِذْعَانًا لِمُرَادِهِ .

حَسْبِيَ اللهُ جَارُ الْمُسْتَجِيرِينَ ، حَسْبِيَ اللهُ غِيَاثُ الْمُسْتَغِيثِينَ ، حَسْبِيَ اللهُ مَعَاذُ الْعَائِذِينَ وَمَلاذُ اللائِذِينَ ، حَسْبِيَ اللهُ لأَمْرَاضِي وَأَسْقَامِي وَأَدْوَائِي ، حَسْبِيَ اللهُ فِي تَيْسِيرِ عُسْرِي وَكَشْفَ ضُرِّي وَبَلائِي .

حَسْبِيَ اللهُ للأَهْوَالِ وَالآفَاتِ ، حَسْبِيَ اللهُ لِلْفَوَاجِعِ وَالْمَوَاجِعِ وَالْمُفَاجَآتِ ، حَسْبِيَ اللهُ الرَّفِيعُ الدَّرَجَاتِ ، حَسْبِيَ اللهُ الْمُنْزِلُ الآيَاتِ ، حَسْبِيَ اللهُ غَافِرُ الزَّلاتِ ، حَسْبِيَ اللهُ قَابِلُ التَّوْبَاتِ ، سَاتِرُ الْعَوْرَاتِ ، مُؤَمِّنُ الرَّوْعَاتِ ، مُقِيلُ الْعَثَرَاتِ ، قَاضِي الْحَاجَاتِ ، مُفِيضُ الْبَرَكَاتِ وَالرَّحَمَاتِ ، فِي الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ . 

﴿ أَلَيْسَ اللّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾ . 
آمَنَّا بِاللَّهِ ، وَاللَّهُ كِفَايَتُنَا وَحِمَايَتُنَا .

﴿ هَـَذَا مَا وَعَدَنَا اللّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللّهُ وَرَسُولُهُ ﴾ . 
اللَّهُمَّ زِدْنَا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا .

حَسْبِيَ اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ . (ثَلاثًا) . 
﴿فَإِن تَوَلّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لآ إِلَـَهَ إِلاّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ (ثَلاثًا) .

اللَّهُمَّ اقْضِ حَاجَتِي وَأَنْتَ بِهَا أَعْلَمُ . (ثلاثاً) . 
رَبِّ إِنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ . (ثلاثاً) .

اللَّهُمَّ بِكَ أَجُولُ ، وَبِكَ أَصُولُ ، اللَّهُمَّ بِكَ أُقَاتِلُ وَبِكَ أُنَازِلُ ، وَبِكَ أُحَاوِلُ وَأُصَاوِلُ .

اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِي ، وَقِلَّةَ حِيلَتِي ، وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، أَنْتَ رَبُّ الْمُسْتَضْعَفِينَ ، وَأَنْتَ رَبِّي ، إِلَى مَنْ تَكِلُنِي ، إِلَى بَعِيدٍ يَتَجَهَّمُنِي ، أَمْ إِلَى عَدُوٍّ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي ، إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ عَلَيَّ غَضَبٌ فَلا أُبَالِي ، غَيْرَ أَنَّ عَافِيَتَكَ أَوْسَعُ لِي ، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ ، وَصَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ أَنْ يَنْزِلَ بِي غَضَبُكَ ، أَوْ يَحِلَّ عَلَيَّ سَخَطُكَ ، لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِكَ .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ ، وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ ، وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ .

(ثُمَّ لِلذَّاكِرِ أَنْ يَدْعُوَ بِمَا شَاءَ ، وَاللَّهُ تَعَالَى وَلِيُّ الإِجَابَةِ وَالْعَطَاءِ) .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
#مدرسة_الإمام_الرائد_لتخريج_القادة_والرواد 

القاهرة- ٣٠ من جمادي الأولي ١٤٤٧هـ

الخميس، 20 نوفمبر 2025

محمد رمزى مؤلف كتاب القاموس الجغرافى للبلاد المصرية

الجغرافي والمؤرخ محمد بك رمزي / 
مؤلف كتاب القاموس الجغرافي للبلاد المصرية
 الذي يقع في مجلدات  والمؤلف لـ 3 كتب أخرى.

محمد عثمان رمزي بك (17 أكتوبر 1871، المنصورة - فبراير 1945)، جغرافي ومؤرخ صاحب تصانيف علمية موسوعية وعضو المجلس الأعلى لحفظ الآثار العربية، وعضو لجنة تسمية شوارع القاهرة، وعضو لجنة التقسيم الإداري، وعضو مجلس حسبي مصر الاستئنافي.

نشأته وتعليمه
ولد محمد رمزي في مدينة المنصورة يوم 17 أكتوبر عام 1871، الموافق ليوم 3 شعبان سنة 1282هـ. كان أبوه عثمان بك رمزى من رجال الخديوي إسماعيل الذين استفادوا من قرار سنة 1867 القاضي بإعطاء الأراضى البور لمن يستصلحها وربط العشور عليها بعد 15 سنة من تاريخ الإعطاء، وقد أعطى 300 فدان في أرض المقاطعة وكفر سعد بمركز السنبلاوين وأنشأ فيها عزبتين وقفهما فيما بعد. وجده مصطفى أغا كسكة من رجال المدفعية الأتراك الذين انتقاهم سليمان باشا الفرنساوي من الضباط الأتراك في تنظيمه الجيش المصري وتحديثه في عهد محمد علي باشا.

وفي سنة 1295 هـ/ 1878 م، أحضر له والده فقيهًا علمه القراءة والكتابة، ومكث في المكتب ثلاث سنوات في عزبة والده بالمقاطعة، ثم ألحقه والده بمدرسة القبة بضواحي القاهرة. وكان أكثر تلاميذ هذه المدرسة من أبناء الضباط الذين اشتركوا في الثورة العرابية، فتعطلت المدرسة وألغيت نهائيًا بعد صيف سنة 1882 م، ثم ألحقه والده بمدرسة المنصورة الابتدائية، ثم التحق بالمدرسة التجهيزية بدرب الجمامزة سنة 1886 م (وهى المدرسة الخديوية فيما بعد). بعدئذ، التحق بمدرسة الحقوق الخديوية، وبقي بها إلى السنة الثانية، وانقطع ولم يكمل دراسته بها.

الوظائف
التحق محمد رمزي بوزارة المالية بوظيفة كتابية صغيرة بإدارة الخزينة، ثم نقل إلى وزارة الداخلية بوظيفة معاون إدارة سنة 1893 م بمديرية الدقهلية، وظل يتنقل بين أسوان وأسيوط وميت غمر ومنيا القمح.

وبسبب الشروع في ربط الضرائب على الأطيان المبيعة من الحكومة للأهالي، فقد طلبه المستر مكلوب مفتش المالية للقيام بمعاينة الأطيان وتقدير الضرائب عليها بمركز فاقوس. ومن هنا، عاد إلى وزارة المالية مرة أخرى، وعمل في لجان ربط الضرائب عام 1905 م، ورُقّي إلى وكيل مفتش مالية بمراقبة الأموال المقررة، ثم أشرف على توزيع أطيان الدائرة السنية بعد تصفيتها في أرمنت، ثم ندب للتفتيش على أعمال الضرائب في مديريات جرجا وأسيوط والمنيا وبنى سويف. وفي سنة 1921 م، أنعم عليه برتبة البكوية، وأحيل إلى المعاش عام 1931 م.

كان رمزي بحكم خبرته العملية ودرايته العلمية واطلاعه الواسع عضوًا في المجلس الأعلى لحفظ الآثار العربية، وعضوًا في لجنة تسمية شوارع القاهرة، وعضوًا في لجنة التقسيم الإداري، وعضوًا بمجلس حسبي مصر الاستئنافي.

أقرا ايضا