الثلاثاء، 13 يونيو 2017

شجون فقهية دكتور مصطفى رجب


----------
كتاب فقه السنة للسيد سابق يختار دائما أصعب الأحكام الفقهية وليس أيسرها ، وللعلامة الشيخ الألباني مآخذ كثيرة على أحاديث بنى عليها أحكاما فقهية خطيرة وطلب منه تصحيحها  يقول الألباني في مقدمة كتابه " تمام المنة في التعليق على فقه السنة " " ...ولعلي لا أفشي سرا إذا ذكرت ما يأتي : لقد كان أحد إخواننا الجامعيين اقترح علي أن أرسل إلى الشيخ السيد سابق - تعاونا معه على الخير والعلم وتحري الحقائق - مقدمة كتابي هذا مع الجزء الأول وهما بخط يدي وقبل الطبع فاستجبت لاقتراحه وأرسلتهما معه إليه فبقيا لديه أكثر من سنة ثم أعاد إلي بواسطة أحد إخواننا المقيمين في القاهرة الجزء المذكور دون المقدمة قد كنت استنسخت نسخة منها احتياطا والحمد لله تعالى
رجع الجزء إلي دون أن يأتيني من فضيلة الشيخ شئ ينبئني عن رأيه فيه وفي المقدمة ولذلك بادرت إلى طبعهما مع الجزء الثاني في أول فرصة سنحت لي يومئذ على الآلة الكاتبة ثم الساحبة ( ستانسل )
وقد تبين لي من مقابلتي بعض المسائل في الطبعة القديمة التي وضعت عليها " تمام المنة " ببعض الطبعات الجديدة وبخاصة منها طبعة دار الكتاب العربي ذات المجلدات الثلاثة أن الشيخ لم يستفد من كتابي هذا شيئا يذكر لا فرق في ذلك بين ما كنت أرسلته إليه أو ما طبع منه بعد معه فقد لاحظت أن الأخطاء الحديثية والفقهية بقيت كما هي دون أي تعديل أو تغيير اللهم إلا في بعض المسائل المحدودة جدا فلا أدري أذلك لعدم تفرغه لقراءة ذلك أم لعدم قناعته بما فيه من النقد العلمي الخالص ؟ ولعل الأقرب الأول فإن في كتابي من القواعد التي يجب على كل عالم التزامها ومن المسائل والأحاديث ما لا يجوز للعالم أن يمر بها دون أن يحدد موقفه منها نقدا أو تأييدا تضعيفا أو تصحيحا فيما لو وقف عليها كما سيرى القراء من ذلك الكثير والكثير جدا  .... "
ومن أمثلة تشدد السيد سابق  في كتاب "فقه السنّة" أنه لما عرض آراء الفقهاء في عقوبة ترك الصلاة قال: إن ابن حزم روى عن فلان وفلان أن تارك الصلاة كافر يستحق القتل ثم سكت ولم يذكر لنا صراحة رأي ابن حزم، ومن يجهل رأي ابن حزم يعتقد بلا أدنى شك أن هذا الكلام يعبّر عن رأي ابن حزم أيضاً، !!!
والحقيقة :
أن من عادة ابن حزم أن يذكر آراء مخالفيه ثم يفندها، فاكتفى الشيخ سابق بنقل أول نقول ابن حزم واعتبرها رأيه  فنسبه إلى التشدد وحب الدماء  مع أن هذا آخر ما يمكن أن يوصف به ابن حزم رحمه الله .
إن رأي ابن حزم واضح جلّي في هذه المسألة وفي التعزير عموماً في كتابه "المحلي" ج11. قال ابن حزم: يعزّر تارك الصلاة بالضرب عشر جلدات أو أقل ويكرر التعزير في كل وقت خرج من أوقات الصلاة ولم يصلِّ حتى يصلي أو يموت. ( أي يظل تعزيره طوال عمره  إلا إذا صلى  لكن لا يزاد عن الجلد )
ورأي ابن حزم هذا منبثق من قاعدة أصيلة في مذهبه هي أنه لا يحلّ للحاكم أن يوقّع عقوبات سوى الحدود المنصوص عليها في القرآن والسنّة والتعزير بحدٍّ أقصى قدره عشر جلدات وأدناه اللوم والتوبيخ وحرّم الحبس في التهمة  ( الحبس الاحتياطي حاليا ) وحرّم الغرامات المالية ومصادرة الأموال وحَرَّم المكوس (الضرائب غير العينية)، وبذلك صان حرية الفرد وحقوق الإنسان وقطع الطريق على استبداد السلطان وبطشه بالرعية. ومن أجل ذلك اضطهده الحكام والفقهاء فنفُي 25 سنة ومات في منفاه. قال المرحوم الشيخ محمد أبو زهرة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة إن آراء ابن حزم في السياسة وقانون العقوبات أصحّ الآراء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أقرا ايضا