بقلم حامد المحلاوي صحفي سابق بجريدة عكاظ
أسسها زكي طليمات وأشهر أعضائها طه حسين والحكيم والعقاد ! ..
هي المرة الثانية التي استفزتني هذه الجمعية .. فقد كنت أعتقد أنها اندثرت وتلاشت في خضم الأحداث الساخنة المتتالية التي مرت بها البلاد حتى أفاجأ بأنها مازالت على قيد الحياة وتطلب أعضاء جدد .. الخبر نشر في موقع صدى البلد بالأمس .. أما المرة الأولى فكانت مع توفيق عكاشة عدما كان يصول ويجول في قناته " الفراعين " .. صدمت عندما شاهدته وهو يطلب من معد برنامجه أن يأتي له بوجبة العشاء المكونة من حزمة برسيم و2 كيلو شعير وكرر الطلب أكثر من مرة ! .. كان دائم النقار مع معاونيه في الاستوديو .. ظننت أول الأمر أن الرجل نال لقب حمار أو أنه أصبح عضوا في جمعية الحمير .. لكني أعلم جيدا أن لقب حمار لقب عظيم جدا لم ينله سوى ثلاثة فقط منذ تأسيس الجمعية سنة 1930 م .. فماذا قدم توفيق عكاشة حتى ينال شرف حمل هذ اللقب الكبير ؟! ..
على كل " جمعية الحمير" ليست كنية ولا إسما هزليا .. بل جمعية حقيقية ضمت مشاهير المجتمع المصري وأساطين الفكر والأدب والفن منهم : الحكيم و طه حسين وعباس العقاد وسيف وانلي والسيد بدير وشكري راغب والفنانة نادية لطفى وأحمد رجب وكثيرين غيرهم .. بل إن شهرتها تعدت الحدود إلى دول أخري أنشئت فيها جمعيات مماثلة مثل سوريا والعراق وكردستان ..
أسـسها الأديب والمسرحي الراحل زكي طليمات عام 1930 ردا على إغلاق معهد التمثيل بحجة أنه لا يتماشى مع تقاليد المجتمع المصري .. لكن السبب الحقيقي كان خوف الانجليز والملك من الدور التنويري الذي قد يحدثه المسرح في توعية الشعب ضد الاحتلال .. تقدم طليمات مرات عديدة طالبا إعادة فتح المعهد إلا أن طلبه كان يقابل بالرفض في كل مرة .. الرجل أدرك أن القضية سوف تطول وتحتاج إلى الصبر .. فما كان منه إلا أن أسس هذه الجمعية وضم معه كبار قادة الفكر والرأي في مصر.. وعندما أراد أن ينتقي رمزا لها تفتق ذهنه ولم يجد أفضل من الحمار ! .. فهو يرى – وعنده حق – أن الحمار حيوان هادئ مطيع يتلقى الإهانة ولا يردها ويعمل في صبر شديد بلا انقطاع .. وهذا ما أراد أعضاء الجمعية التأكيد عليه .. أنهم كالحمير في خدمة بلدهم دون انتظار لأي مقابل .. هدف نبيل طبعا ! .. حتى أنه منتشر في الأوساط الشعبية عند وصف المخلص في عمله والمجد بأنه " حمار شغل " .. ولا أعرف من أين جاء اتهام الحمار بالغباء ! .. فلو أنك سألت أحد أبناء الريف عن ذكاء الحمار لأكد ذلك على الفور .. فالحمار مثلا يتركه صاحبه في الغيط ليرجع إلى البيت وحده ويحفظ الطريق من مرتين أو ثلاثة بالكتير .. ثم إنه لو تعثر في حفرة لا يمكن أن يتعثر فيها أبدا مرة أخرى حتى ولو في ظلام الليل .. بني آدم يعملها بدل المرة عشرة ! .. هي فريه عليه .. فالحمار ليس غبيا أبدا ..
كادت هذه الجمعية أن تندثر وتنمحي بسبب اسمها ونفور الناس منه إلا أن وزير الصحة الراحل د . محمود محفوظ أحياها مرة أخرى .. هذه الجمعية تقدم خدمات مختلفة للمجتمع منها : المساهمة في محو الأمية ، وتشجير الأحياء وإنشاء الحدائق ، واستصلاح الأراضى لتمليكها للشباب ، وتنظيم الرحلات الداخلية والخارجية ، ورعاية المرضى من خلال عيادات الأطباء الذين انضموا للجمعية ، وتقدم الأجهزة الطبية الحديثة كهدايا للمستشفيات الحكومية وغيرها من خدمات وأعمال خيرية ..
الجمعية تضم الآن نحو 30 ألف عضو من المصريين .. وطبعا الأمر لا يخلو من الطرفة وبعض الفكاهة .. فلقب حمار مثلا لا يحصل عليه العضو بسهولة .. بل إنه يتدرج في الترقي حسب ما يقدمه من جهد .. عند انضمام العضو للجمعية يلقب ب " حرحور" أى الجحش الصغير .. يلي ذلك " صاحب الحدوة " .. ثم يتدرج بعدها ليحصل على لقب " حامل البردعة " بعد فترة طويلة جدا من العمل الشاق قد تصل إلى 20 سنة .. أما اللقب الأعظم ( الحمار الكبير) ، فلم يحصل عليه سوى ثلاثة أعضاء فقط منذ تأسيس الجمعية .. وهم زكى طليمات وشكرى راغب والمرسى خفاجى آخر رئيس لهذه الجمعية العظيمة ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق