من أعظم آفات النقد المجاملة والهوى، فقد يضطر الناقد لمجاملة المبدع لأسباب منها الحب لهذا المبدع أو ذاك ؛ فيأتي نقده ضربا من المبالغة الذميمة ، ويصبح عمله محض انطباعات غير مبررة ، وقد يكون كره الناقد للمبدع سببا في التحامل على العمل الأدبي وصاحبه ، ومحاولة لهدم العمل الأدبي وإلصاق كل العيوب به ، وفي تلك الحالة يجب على الناقد أن يكون متعاطفا مع النص بعيدا عن مبدعه ، ولا يفهم من كلمة ( التعاطف ) هنا أنها تدابر الموضوعية والحيادية ؛ بل نعنى بها حسن معاشرة النص ؛ كشفا عن معالم الجمال به وبيانا لعيوبه ، كما يجب على الناقد وهو يتناول نصا – أي نص مهما كان مبدعه – أن يتحلى بالجرأة والشجاعة ؛ فلا يدفعه حب المبدع لمحاباته ، ولا يمنعه كرهه لرب العمل من إنصافه إن أحسن ، وإذا جبن الناقد ضاع الأدب .
ثمة أعمال نقدية لأسماء لها ثقلها في عالم الأدب عند تحليلها لبعض النصوص وضعت – مع شديد الأسف – شخصية مبدع النص نصب أعينها ، فمجدت النص وتغنت بمحاسنه ، وغضت الطرف عن عيوبه ؛ فجاء عملها مصابا بالخداج ، وفي مثل هذه الحال يفرّخ الدجل والشعوذة .
وكم من شاعر أو كاتب بلغ من الشهرة ما لم يبلغه غيره ممن هم أفضل منه موهبة وتمكنا بسبب حيف النقاد ومجاملاتهم التي جاءت على حساب الفن الأصيل ، والأمثلة على ذلك كثيرة ولو شئنا لذكرناهم اسما اسما ، منهم من رحل عن عالمنا ، وهو محاسب أمام الله على شهادة الزور التي شهدها ، ومنهم أحياء يرزقون ، يعيشون – كما يقول المازنى يرحمه الله – عيالا على الأدب وحميلة على أهله وذويه.
لقد مضى عصر هؤلاء ، ولقد تبوأ منابر الأدب فتية يجمعون بين الثقافة العربية العريقة ، وبين ثقافة عصرهم ، يتخذون من ميراثهم العربي قاعدة يشيدون عليها مجدهم غير غافلين متغيرات عصرهم ، اطلعوا على ثقافة الغرب ؛ لكنهم – وتلك سمة أصلية فيهم – لا يحبون أن يلبسوا العقل العربي قبعة الغرب ، يدركون أن جل المناهج الغربية لا يصلح تطبيقها على أدبنا العربي ؛ فلكل لغة ما يناسبها تبعا لخصائصها وسماتها التي تميزها عن باقي اللغات ، فتية يضربون بجذورهم في تاريخ العرب الأدبي والثقافي الذي ظل – وسيظل بإذن الله – منهلا لكل الحضارات التى تأثرت بتلك الحضارة العربية العريقة .
الجمعة، 26 يوليو 2019
آفة النقد وحيف النقاد. عمرو الزيات نائب مدير التحرير
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
أقرا ايضا
-
مركز سيدي سالم هو واحد من عشرة مراكز تضمها محافظة كفر الشيخ ، حيث أنه يقع في شمال المحافظة . قد سمي مركز سيدي سالم بهذا الاسم نسبة إلي العا...
-
يشهد العصر الحالي تطورات تقنية ضخمة ومتسارعة، في مجالات مختلفة، ومنها الاتصالات وتقنية المعلومات، مما جعل العالم يتأثرويتفاعل مع الأحداث، ف...
-
ذكر ت المراجع ومنها كتاب سيرة قرية مصرية الذى يرصد واقع الحياة فى قرية النوايجة بمركز دسوق فى ثلاثنيات القرن المنصرم حكاية محمد احمد يقول...
-
رؤية تحليلة قصيدة التينة الحمقاء أحمد محمد أبورحاب مصر سامية خليفة لبنان إيليا أبوماضي، شاعر لبناني، ولد عام 1889 وتوفي في 1957م، يعد م...
-
(( يعتريني شك)) يعتريني شك كلما رأيتك تتجول بمخيلتي وتسبح في محيط أفكاري دونما بلل.... وأقف حائرا على نقيض سواء من إنعكاس صورتك ...
-
فى مثل هذا اليوم 9 أغسطس 2000 .. وفاة السياسى الوفدى فؤاد باشا سراج الدين .. ولد فؤاد سراج الدين باشا فى 2 نوفمبر 1911 ، وهوينتمي في أصول...
-
كثيرا منا يتحدث العامية وهو لايدرك خطورة ذلك على لغتنا العربية العامية التى نتكلم بها ونفضلها على الفصحى محكوم عليها بالفناء فلاتوجد جذور...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق