الجمل والفلاح
أحمد محمد أبورحاب محمد
في الصباحِ الباكرِ أخبرَ الجمل الفلاحَ الطيبَ , أنّه لن يقومَ بأيّ عملٍ , فهو لا يرغب بحملِ الحطبِ وتكديسه لفصلِ الشّتاء , ولن يحضرَ الماءَ من النبعِ , فجرارُ الماء ثقيلةٌ وقد أنهكتْ ظهرهُ , وهذه الحشائشُ الّتي يحملُها منَ الحقولِ فهي تتعبهُ ,.
استمعَ الفلاحُ لكلامِ الجمل ووافقَ دونَ اعتراضٍ لقرارهِ هذا .
في الصباحِ قدمَ الفلاحُ جوال من التبن مكافأة لخدماتِ الجمل شكرهُ وحملَ وزوجتهِ جرارَ الماءِ بصحبةِ الحيوانات إلى النبعِ القريب .
الجمل حقق انتصاراً عظيماً , لن تسخرَ منه الحيوانات بعدَ اليوم لحملهِ الأثقال .
كانت حوافرهُ تضربُ الأرضَ بقوةٍ وكأنّه حصانٌ سلمَ ساقاهُ للريح , وبدأت أغانيهِ تضجُ في الوديان والحقولِ .
أنا الجمل السّعيد
لن أعملَ بعدَ اليومِ في الحقولِ
سأشمُ الزهورَ والعطور
أنا الجمل الحرّ السعيد
سيكونُ كلّ يومٍ لي عيد
كانت الحيواناتُ تستمعُ بفرحٍ لأغنية الجمل السّعيد بعدَ أن ارتفعَت في كلّ الأرجاء .
الليلُ يخيّم والظّلامُ بدأتْ خيوطهُ تُحيكُ جداراً قاتماً يسدّ الأفقَ . لقد دخلَ الجمل الغابةَ بعد ساعاتٍ شعرَ بالخوفِ والعطشِ .
أين حيواناتُ الحظيرة , الكبشُ وزوجتهِ النعجة وولدهم الصغير الحمل . اشتاق لثغائهم , وخوارُ صديقتي البقرة وزوجها الثور وولدهم العجل , آه لصياح صديقي الديك الذي يصدحُ بأجمل الألحانِ . ونقنقة الصيصان . ليتني لم أتزمرْ يوماً أصواتهم جميلة .
عواءُ الذئاب وصوتُ البوم بعثتِ الرّعبَ في قلبِ الجمل الّذي وقفَ قربَ شجرةٍ ضخمةٍ . ارتفعَ صوتُ عواءِ الذئاب .
أين حظيرتهُ وبندقية الفلاحِ الّتي تحميهم
هل أغنيتهُ السعيدة تنفعه
لماذا التأففُ ؟؟؟ كانت رحلةُ النبعِ رائعةً والجرارُ لم تكنْ ثقيلةً كانت سعادتهُ عندما تشربُ الصيصان وأزهارُ الحديقةِ . والحشائشُ لم تزعجهُ يوماً كان يأكلُ وجبةً دسمة كلّ مساءٍ . ما أروعَ لمساتِ الأطفالِ على رأسي وبيدهم الطعام اللذيذ .لم يشعرْ بالجوعِ أو البردِ أو العطشِ أو الخوفِ في حظيرةِ الفلاحِ الطيب .
أفكارٌ كثيرةٌ راودتهٌ وأصواتُ عواءِ الذئاب تقترب منه .
15/8/2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق