ابن النديم--
الببليوجرافي الاول-
-معنا الآن ابن النديم ، الذي ولد ونشأ ، في بغداد العباسية خلال القرن الرابع الهجري ( العاشر الميلادي ) والذي عني بالتاريخ واللغة والأدب ، وشهرته في التأليف مرتبطة بتأليفه لكتاب ( الفهرست ) وهو في نشأة العلوم ، وأقدم الكتب في هذا المضمار .
ويعد كتاب ( الفهرست ) لأبن النديم من أهم الكتب في تاريخ الثقافة العربية الإسلامية ، فهو وثيقة مهمة يمكن لنا أن نتعرف من خلالها على ملامح الازدهار الثقافي ، ولقاء الثقافات والحضارات في إطار الحضارة الإسلامية ، وهذا ما نؤمن به ، وندعو إليه بعيداً عن أكذوبة صراع الحضارات أو نهايتها ، واضعين في الاعتبار أن الله تعالى خلقنا فوق المعمورة الأرضية من أجل أن نتعارف ، ونتفاهم
هذا ، وقد خصص ابن النديم صفحات للحديث عن ( جالينوس ) أشهر أطباء اليونان ، وعن مؤلفاته التي قام حنين بن إسحاق وتلاميذه من المترجمين المسيحيين السريان بترجمتها في العصر العباسي .
والسريان ـ كما نعلم ـ هم أبناء اللغة السريانية ، وكانت هذه اللغة من أهم لغات بلاد الشام والعراق قبل الإسلام ، وظلت مستخدمة عند بعض الجماعات إلى جانب اللغة العربية في إطار الدولة الإسلامية ، والحق يقال أن السريان أسهموا في حركة ترجمة تراث اليوناني إلى السريانية ، وإلى العربية ، كما أسهموا بعلمهم في النهضة العلمية الإسلامية .
وفي نفس الوقت لا ننس أعلام الطب الإسلامي ، مثل : أبي بكر الرازي ، طبيب الدولة الإسلامية الأول ، الذي ألف أكثر من مائة كتاب في علوم الطب ، فهؤلاء جميعاً ذكرهم ابن النديم ، وعرفنا بجهودهم في التأليف والترجمة ، ولهذا يعد كتاب (الفهرست ) من أهم الكتب الدالة على أهمية التعددية الثقافية ، وضرورة لقاء الثقافات والحوار بينها ، من أجل نهضة فاعلة لسائر الأمم .
وبهذه المناسبة يجب القول أن الثقافة اليونانية كانت أكبر تأثيراً في العلوم العقلية التي ألف فيها المسلمون مثل الطب ، والرياضيات ، والفلسفة وغيرها .. وإن الثقافة الفارسية كانت أكثر تأثيراً في الأدب العربي ، وفي نظام الحكم ، وفي الفنون بوجه عام .. والمجددون في الأدب العربي نثراً وشعراً كانوا من أصل فارسي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق