الاثنين، 15 مايو 2017

عمل الأم خارج المنزل


(عمل الأم خارج المنزل )

          إن متغيرات العصر قد فرضت العمل على المرأة خارج البيت ولساعات طويلة أحيانا . لقد تغيرت ظروف الحياة ولم تعد المرأة ربة المنزل فقط بل أصبحت تعمل في جميع ميادين الحياة حتى الأعمال التي كانت حظراً على الرجال .
       أتذكر أمي عندما كنا صغارا بوجهها المشرق وابتسامتها الرقيقة العذبة ,وهي تداعب شعري لإيقاظي من فراشي بهدوء للذهاب إلى المدرسة .  لم يكن لديها متسع كبير من الوقت وكنت أنا وأخي كثيراً ما نتذمر من عمل أمي خارج المنزل . لقد كانت تبذل جهدا كبيرا كل صباح في إعداد الإفطار وإصلاح ما أمكن إصلاحه من الفوضى التي نحدثها كل صباح . وكانت مضطرة لمغادرة المنزل باكرا قبل ذهابنا إلى المدرسة . كنا نشعر بالتعاسة  فصديقتي لمار كانت والدتها تقف معها أمام المنزل ثم تحضنها وتقبلها و تساعدها في ركوب الحافلة ,كنا جميعا نلوح لوالدتها وكأننا نعوض فقد الأم في هذه اللحظات. وعند عودتنا للمنزل كنا نضطر لتسخين الطعام ونلقي بملابسنا على السرير والأحذية تراها مهملة هنا وهناك وكأن المنزل قد خرج من زلزال . أذكر كم كنا مهملين .  والدتي تصل من الدوام بعد ساعات من وصولنا ,أذكر كلماتها الجميلة  وأسئلتها الكثيرة عن المدرسة والدراسة . لقد كان الرفض أحيانا لوالدتي فهي في نظرنا مهملة لواجباتها تجاهنا .
              لم نفكر يوما كم تتعب والدتي في العمل خارج المنزل وفي المنزل . فهي تنجز جميع الأعمال دون أي تذمر أو غضب ولم تطلب المساعدة يوما من الأيام . كنا نحدثها دائما عن صديقتنا لمار وأمها الحنون  وكأنه الفضول الطفولي  يدفع بنا نحن الأطفال للتفكير بأنانية .
     أثناء جلوسنا على مائدة الطعام . أخبرتنا أمي أن الإدارة قد منحتها إجازة طويلة وستتفرغ لأعمال المنزل في الأيام القادمة .الفرحة غمرت قلوبنا وقفزنا عن مائدة الطعام بفرح أخيرا الحلم تحقق. لقد مرت الساعات طويلة في تلك الليلة هيا أيها الصباح . أمي اليوم ستكون في المنزل ولن نضطر لتحضير الطعام ولن نستمع لعبارات التعجيل والتأخير وتزمير الحافلة للتأخر المستمر .
  في الصباح ودعتنا أمي  وأخذت الأيدي الصغيرة تلوح فرحة متراقصة إنها أمي . مرت الأيام مسرعات وكنا مبتهجين جدا . وكما اعتدنا منذ سنوات الشهر يقترب من آخره وأمي ستحضر لنا جميع الأغراض التي تحويها القائمة من دفاتر وأقلام وكتب ومجلات وألعاب ومأكولات وألبسة وهدايا .....
      غدا بداية الشهر والقائمة امتلأت بنودها وهي تقدم لأمي في المساء.
لقد جلست مبتسمة (عليكم التخلي عن الكثير من هذه الأشياء يا صغاري الأحباء الراتب واحد وهو لا يتسع لكل هذه الأشياء ليعاد التقييم والاختصار واذكروا المستلزمات الضرورية فقط . هناك مصاريف الكهرباء والمياه وقسط الكمبيوتر والكثير من الأقساط ).هنا كانت المفاجئة الكبرى لنا .غادرنا الغرفة والدموع تتساقط على الخدود وبعد دراسة الموضوع مع أخي قررنا أن تعود والدتي للعمل وتقطع تلك الإجازة الطويلة فنحن نحتاج لهذه الحاجيات.     لكن والدتي رفضت العودة إلا بشروط وهي عدم التأفف الدائم لنا والمساعدة في أعمال المنزل.

                وبذلك تحولت الأسرة إلى أسرة سعيدة متحابة ومتضامنة تتفهم أن عمل الأم خارج المنزل أصبح من ضرورات الحياة ومقتضيات العصر ,وأن العمل داخل المنزل هو مشاركة جماعية فالأسرة عماد المجتمع وأساس تطوره وازدهاره.

هناك تعليقان (2):

أقرا ايضا